عبد المجيد أفندي الثاني آخر خليفة عثماني ورجل عصر النهضة التركي المثالي.
امتد تاريخ الخلافة العثمانيَة لمدة خمسة قرون، وكانت بداية ظهورها عام 699 هـ، واستمر الحكم العثماني حتى عام 1342 هـ، حيث وصلت حدود الدولة العثمانية إلى مساحات واسعة من العالم فقد كانت مركز الخلافة الإسلامية وعاصمتها القسطنطينيَة.
وفي هذا المقال سوف نعرفكم على أخر سلاطين الدولة العثمانية وهو السلطان عبد المجيد أفندي الثاني.
السلطان العثماني عبد المجيد أفندي الثاني
يُعرف عبد المجيد أفندي الثاني (1868-1944) بأنه آخر خلفاء الدولة العثمانية، حيث قامت في ظل حكمه الجمهورية التركية عام 1923 وانتهت الخلافة العثمانية برحيله إلى أوروبا.
نشأ عبد المجيد أفندي الثاني في اسطنبول بين الفترة (1868-1944) حيث تلقى تعليمه على يد ثُلة من المعلمين الأتراك والفرنسيين، وقد جسد هذا الخليفة العثماني الأخير الذي عمل أيضاً كرئيس لجمعية الفنانين العثمانيين توليفة الثقافات الأوروبية والإسلامية.
وتم انتخاب عبد المجيد أفندي الثاني كخليفة من قبل الجمعية الوطنية التركية الكبرى حتى 3 مارس/آذار 1924 عندما تم اعتماد القانون الذي أنهى الخلافة العثمانية رسميا بعد أن بقيت عامين في زمن الجمهورية.
ويعتبر السلطان العثماني عبد المجيد أفندي الثاني “رجل عصر النهضة التركي المثالي” حيث أتقن العزف على البيانو وعلى آلة التشيلو، وكان رسام موهوب يُتقن رسم كل من المشاهد ورسم أبواب المساجد،
وكان عبد المجيد كان الخليفة الإسلامي الأخير المعترف به رسمياً، وهو لقب سيظل محفوراً إلى الأبد في سجلات التاريخ.
أين ولد السلطان عبد المجيد أفندي الثاني وكيف كانت نشأته؟
ولد السلطان عبد المجيد أفندي الثاني في قصر بيلربي في الجانب الآسيوي من إسطنبول عام 1868 بقفص من ذهب إلى حد ما وحياة مترفة.
تولى السلطان عبد الحميد الثاني الحكم في عام 1876 وكان يشك في مؤامرات البلاط والتحديات المحتملة من جانب الأمراء المنافسين، وحرص على عدم السماح لأقربائه بالتصرف بحرية
وأثرت هذه القيود بنتائج غير مقصودة على التطور الفكري للسلطان عبد المجيدأفندي الثاني، حيث سُمح للأمير الشاب بالانغماس وإشباع كل فضول فكري وإبداعي لديه واستثمار مهاراته اللغوية وشغفه الخاص.
افتتح السلطان عبد الحميد مدرسة داخل قصر يلدز في إسطنبول حيث يمكن للأمراء والنبلاء العثمانيين الآخرين الالتحاق بها.
وتتلمذ عبد المجيد أفندي الثاني على يد مدرسين أتراك وفرنسيين كان لهم تأثير ملحوظ على ذوقه وأساليبه المستقبلية.
ولم يكن السلطان عبد المجيد أفندي مهتماً بالسياسة بل كان منغمساً في حبه للفنون والموسيقى، وكذلك مهتماً بعمله الخيري الذي يقدم مساهمات لقضايا متنوعة مثل الهلال الأحمر وجمعية النساء الأرمن مما جعل فكرة توليه منصب الخليفة يوماً ما شبه مستحيلة.
السلطان عبد المجيد أفندي الثاني خليفة للمسلمين
بعد الحرب العالمية الأولى وفي أعقاب هزيمة الإمبراطورية العثمانية وتهديد القوى الإمبريالية بتقسيم الأراضي التركية التقليدية في الأناضول والبلقان تعهد الأمير بدعم مصطفى كمال أتاتورك وحكومته الجديدة في أنقرة.
حيث أطاحت الحماسة الجمهورية بالسلطنة العثمانية ونفي ابن عم عبد المجيد السلطان محمد وحيد الدين (محمد السادس)، وبعد ذلك تم انتخاب عبد المجيد خليفة باعتباره الزعيم السياسي الأخير المعترف به للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
وكان السلطان عبد المجيد أفندي الثاني يتباهى بقوة منصبه بالرغم من كونه خليفة بالاسم فقط اعتباراً من العام 1922.
وأخد عبد المجيد يجول شوارع إسطنبول بحصانه الأبيض في استعراض للمكانة العثمانية التاريخية كما أقام حفلات استقبال فخمة على طريقة العثمانيين القدامى، وحضر شخصياً مراسم صلاة الجمعة في مسجد آيا صوفيا مُظهِراً قيادته لمسلمي العالم.
وهذا الأمر لم يرق لحكومة أنقرة الجمهورية مما دفعهم إلى إلغاء منصب عبد المجيد أفندي الثاني ونفيه مع باقي أفراد البيت الملكي في مارس/آذار 1924 وتم إخطار العائلة المالكة بالتنحي في غضون 3 أيام ثم اتجه عبد المجيد إلى أوروبا.
حياة السلطان عبد المجيد أفندي في أوروبا
انتقل السلطان عبد المجيد مع عائلته في البداية إلى بلدة تريبتيت في سويسرا ثم إلى مدينة نيس الفرنسية وبقى فيها حتى عام 1939 قبل أن ينتقل إلى باريس.
وشكل التوجه الأوروبي للسلطان عبد المجيد بصمة في تطوره الفني والفكري وعاش حياته وفقاً لروح العصر والتزم بالتقاليد والدين وكان منفتحاً على الجميع.
وتفرد السلطان عبد المجيد بكونه فنان وحاكم دولة لفترة وجيزة حيث تعكس رحلته مدى تأثر بلاده بالحداثة، وكان مفكراً ورساماً وخطاطاً إسلامياً في نفس الوقت، وكان مخلص لدينه وتقاليده لكنه كان أيضا عازفاً موسيقياً غربياً ومؤيداً للمسارح.
وفاة السلطان عبد المجيد أفندي الثاني
بعد الحرب العالمية الثانية بدأت صحت السلطان تتدهور مما اضطره للانتقال إلى باريس وتوفي فيها عام 1944.
ورفضت الحكومة الجمهورية في أنقرة طلب دفن الأمير في إسطنبول وبعد 10 أيام من بقائه في مشرحة مسجد باريس الكبير دُفن آخر خليفة للإسلام في المدينة المنورة وهي المدينة التي أُنشئ فيها هذا المنصب قبل 1300 عام من وفاة عبد المجيد.
اقرأ أيضاً:
Comments are closed.