أوضاعًا وأرقامًا كارثية يكشف عنها رؤساء غرف الأطباء في عنتاب وأورفا وديار بكر!

أصبحت خوارزمية فيروس كورونا في محافظات جنوب شرق الأناضول غير مفهومة كليًا لا من قبل الأطباء ولا حتى من قبل الحكومة التركية.

وحتى بعد تزايد القوانين الصارمة من قبل الحكومة التركية فالذي مخطط له لا يحصل ويتم دفع الثمن غالي دون افتعال الذنب اساسًا.

وأشار عدد من رؤساء غرف الأطباء في ولايات غازي عنتاب وشانلي أورفا وديار بكر أن أعداد الإصابات والوفيات التي تُنشر من قبل وزارة الصحة التركية مشبوهة وغير واضحة ودقيقة بعض الشيء.

ماذا يحصل بولايات جنوب شرق الأناضول؟

المشهد الآن يعتبر كارثي بحد ذاته في ولايات غازي عنتاب وأورفا وديار بكار كما زعم عدد من الأطباء الأتراك في مقال لصحيفة BBC التركية.

وبحسب ما ترجمه فريق عمل دليلك في تركيا نقلًا عن الـ BBC فإن الأطباء صرّحوا بأن ارتفاع عدد الإصابات بسبب التجمعات في عيد الأضحى ستظهر خلال الاسبوع القادم.

وأشار عدد من العاملين الصحي ورؤساء غرف الأطباء عن معاناتهم الآن من عبء العمل المتزايد والإرهاق والتعب، وهذا الأمر يعتبر قضيًة كبيرة بالنسبة لهم.

كيف الوضع الآن في غازي عنتاب؟

أشارت رئيسة غرف الأطباء في ولاية غازي عنتاب عائشة غول تارلا، في حديثها مع الـ BBC، أن الولاية تجري يوميًا 300 إلى 400 تشخيص إصابة إيجابية بالفيروس.

وبحسب تارلا فإن الطاقة الإستيعابية للمستشفيات في عنتاب تتجاوز الستة آلاف سرير، بالمقابل الآن لا يوجد مكان لاستقبال أي مصاب أو مريض في المستشفيات.

وأكّدت رئيسة غرف الأطباء أن العديد من المصابين عولجوا في مهاجع للطلاب، منوهة لاستقبال العشرات من المرضى في غرف الطوارئ لعدم توفر أسرّة في المستشفيات.

وفي منتصف تموز/ يوليو الفائت ارتفع عدد المصابين الذين بحاجة للعناية المركزة من 25% إلى 50%، وإلى الآن بلغ عدد المصابين حوالي 1500 مصاب في مختلف مستشفيات عنتاب، بحسب ما أوضحته تارلا.

ما هو وضع السوريين في ظل حساب أرقام كورونا بعنتاب؟

وبالطبع لم تنسى رئيسة غرف الأطباء تارلا أن عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين يقيمون في غازي عنتاب وهم معرّضين أيضًا لخطر الإصابة بالفيروس كأقرانهم الاتراك.

وأوضحت الطبيبة انه في شهر حزيران/ يونيو ارتفع عدد السوريين المصابين بالفيروس في غازي عنتاب بشكل ملحوظ.

ونوّهت إلى أن التقديرات الحالية تشير بأن 25 في المائة من المصابين الحاليين هم من اللاجئين السوريين في الولاية.

ما هي أكبر المشاكل الآن في غازي عنتاب؟

تؤكد الطبيبة عائشة غول أن أحد المشاكل الكبيرة الآن في الولاية تتمثل بمتابعة الأشخاص الذين كانوا على اتصال مع المصابين بالفيروس.

وأضافت أن عدد الخاضعين للحجر الصحي في هذه الفترة بلغ ما يقارب 20 ألف شخص، بعد أن حجرت الولاية 90 شخصًا في شهر تموز/ يوليو الفائت.

وتوجد مخاطر من إتّباع هذه الطريقة في حجر المخالطين للمصابين، ومن المتوقع إن يتم إعطاء البعض من المرضى أدويتهم وعلاجهم في منازلهم ولكن.. هل ستستخدم الولاية قوّات الأمن للسيطرة على المحجورين والوضع في عنتاب؟

ما هو وضع الأطباء والعاملين بمجال الصحة في عنتاب؟

بالعودة إلى وضع الأطباء المحزن الآن في غازي عنتاب أكّدت رئيسة غرف الأطباء عائشة غول تارلا أن الإرهاق والتعب في العاملين بمجال الرعاية الصحية بات أمرًا يرافقهم على مدار الـ 24 ساعة.

وارتفع عدد المصابين من العاملين في المجال الصحي في عنتاب بشكل ملحوظ خلال الـ 15 يومًا الفائتين.

وفي تصريح للطبيبة بمفاجأة جديدة من الولاية، أكّدت أن حوالي 100 عامل في المجال الصحي في مستشفى واحد كانوا حاملين لفيروس كورونا!

وأوضحت تارلا أنه لا يتم دفع أجور إضافية ولا توجد شبكة دعم نفسية أو إجتماعية للعاملين في المجال الصحي وهم يعملون منذ خمسة أشهر إلى الآن بوتيرة مكثّفة دون توقف.

وضمن مشهد مرعب في الخيال، نوّهت إلى أن الموجة الثانية لعدوى الفيروس من الممكن أن تهدد بإنهيار النظام الصحي في الولاية.

كيف هو وضع فيروس كورونا في شانلي أورفأ؟

أوضح رئيس غرف الأطباء الطبيب عثمان يوكسيكييلا في ولاية شانلي أورفا أن المحافظة الآن بحاجة لخريطة جديدة للسير عليها.

وأشار يوكسيكييلا أن السلطات المختصة تقوم بحجر ما يقارب الـ 300 منزل على الأقل يوميًا في شانلي أورفا.

ونوّه الطبيب إلى وجود حوالي 600 سرير ممتلئ حاليًا، وإذا استمر الوضع على ذات النهج فإن الولاية ستحتاج لمستشفيات إضافية بالتأكيد.

وعن عيد الأضحى أكّد إلى أنهم لم يشهدوا آثار موجته بعد، علاوًة عن عدم بدأ موسم الإنفلونزا التي بدورها ستشعل مصائبًا عديدة.

وضمن حديثه للـ BBC أشار إلى أن وزارة الصحة التركية تصرّح عن وجود أماكن إضافية لديهم، ولكن أورفا الآن تمتلئ جميع أسرتها المخصصة للمصابين بفيروس كورونا.

وبالنسبة لوضع الأطباء فذكر الطبيب عثمان أن نتائج الإختبارات لحوالي 40 عامل في المجال الصحي كانت إيجابية في فترة ما قبل شهر حزيران/ يوليو الماضي، بالمقابل ذلك العدد إرتفع الآن إلى حوالي 400 مصاب.

وأضاف على ذلك أن الأفراح والأتراح كالزواج والعزاء وتطبيق العادات والتقاليد بهم تتسبب بزيادة حتمية في عدد الحالات.

ونهى حديثه مع الـ BBC بقوله: “ربما ينبغي عقد اجتماع واسع النطاق في أورفا ورسم خطة جديدة للسير عليها، علاوًة عن أن مسؤولية زيادة الحالات لا يمكن تفسيرها فقط بإهمال المواطنين وحدهم، بل أن الإدارة العامة لها نصيب كبير في ذلك.”

ماذا يحصل في ديار بكر؟

قال عضو مجلس إدارة النقابة الطبية التركية الدكتور هاليس يرليكايا لـ BBC التركية أن الوضع العام في ديار بكر في مستوى ينذر بالخطر، بعد أن بدأت الولاية بتشخيص ما يقارب الـ 300 حالة إيجابية يوميًا.

وأشار برليكايا أن عدد المرضى لا يتناقص أبدًا، بل أن العنايات المركزة في المستشفيات باتت ممتئلة، ولا يمكن استقبال مريض جديد إلا في حال موت آخر!

وأوضح عضو مجلس الإدارة أنهم يواجهون الآن أكبر عدد للإصابات منذ بدء عملية انتشار الوباء في كل من ديار بكر وأورفا وعنتاب، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة تنشر أرقامًا مشبوهة!

وقدّر أنه إن كان عدد المرضى في مستشفيات ديار بكر ما يقارب الـ 600 مريض، وإن خرج يوميًا 30 أو 40 مريض فستمتلئ الأسرة فوريًا ويتزايد العدد تدريجيًا.

وعن الأرقام التي تعرض على شاشة وزارة الصحة، قال بيرليكايا: “في أحد الأيام توفى في ديار بكر 8 مرضى، وأعلنت حينها وزارة الصحة وفاة 17 شخصًا في عموم تركيا”.

ولكن الوضع هنا كارثي، بحيث توفّوا منذ فترة 10 أشخاص كانت نتائج إختباراهم سلبية ولكن بعد وفاتهم تبيّن أنهم كانوا مصابين وتوفوا بسبب كورونا.

وأعلن عن عدم وجود بيانات واضحة وأن عدد الوفيات مرتفع والعملية الآن لا تتم بشفافية كاملة، مؤكدًا عن وجود إصابات أعلى بكثير من الأرقام العملية.

وصرّح أن الأرقام الإجمالية لثلاث أو أربع ولايات تتركية تتوافق مع الأرقام اليومية التي تعلن عنها وزارة الصحية يوميًا زاعمة أنها لعموم تركيا.

وتكلّم بيرلكايا عن وفاة مريض يدعى شريف يلديز في الأسابع الأخيرة لعدم تمكّنه من العثور على مكان لعلاجه في وحدات العناية المركزة بالمستشفيات العامة.

واختتم عضو مجلس إدارة النقابة الطبية التركية الدكتور هاليس يرليكايا حديثه مع الـ BBC بقوله: “السلطة العامة غير كافية لإتخاذ الخطوات اللازمة لمكافحة الوباء، ولا يمكن السيطرة عليه إلا من خلال تطبيق القوانين الصارمة ومراقبة اتصال المصابين مع أشخاص آخرين.”

المصدر: BBC NEWS