fbpx
أخبار تركيا بالعربي

المنظمات “الإنسانية” بحاجة للقليل من الموضوعية والكثير من الإنسانية.

بعد اشتداد لهيب نيران الحـ ـرب الموجة على الشعب السوري والتي استهدفتهم في داخل الأراضي السورية وخارجها لوأد مطالبهم وارغامهم بالتخلي عن حقوقهم وابقائهم يئنون تحت وطأة جوّر نظام الحكم الموجود في سورية.

بدأت أنظار المنظمات الإنسانية تتوجه إليها كبلد يعاني من ويلات حرب طاحنة وبموجب مهماتهم التي اعتادوا على القيام بها فما كان منهم إلا أن بدأوا العمل فيها وللصراحة المطلقة فقد واجهوا في البداية العديد من المشاكل كتعنت النظام وعدم السماح لهم بالدخول للأراضي السورية لأنه يرفض ذاتاً وجود أزمة لديه.

ولعل العديد من الأسباب التي دفعت المنظمات الإنسانية إلى إيجاد طرق بديلة للوصول ” للمتضررين”، وعلى حسب وصف أحد النشطاء في الداخل السوري فقد تحولت العديد من هذه الطرق البديلة إلى ما يشبه الثقوب السوداء تبتلع الأموال التي تأتي كمساعدات مادية عاجلة للمحتاجين.

ومن هنا بدأت أصوات العديد من النشطاء تعلو لتبيان ما يحدث والآلية التي يتم التعامل فيها مع المتضررين ومع الجهات التي توكل إليها المهمات المرتبطة بالمساعدات سواء المالية أو الغذائية.

لكن لم يكن هناك صدى لتلك الأصوات ،بل وبات الناس يرون نماذج غريبة من المؤسسات والأشخاص فبعض المؤسسات كانت تعمل بسياسات إدارية أشبه بسياسات دوائر النظام في سورية.

فأصبح فهم طريقة التوزيع والأشخاص المستفيدين أشبه بالمعضلة، وفُتح الباب على مصراعيه أمام بعض الأشخاص الجشعين الذين كانوا يستغلون الأوضاع الضبابية في تلك المنظمات وذلك على صعيد المستهدفين.

أما على صعيد العاملين فكان الوضع خليطاً بين المتطوعين الذين يريدون مساعدة الناس بدون مقابل وقسم من السماسرة الذين وجدوا من تلك البيئة فرصةً لا تعوض.

أما على صعيد الأشخاص فبدأ الأمر يتحول إلى نُكتٍ سخيفة فأصبح من الطبيعي أن ترى بعض الأشخاص ممن كانوا يعملون في ورش البناء أو في الأسواق كباعة متجولين أو أصحاب الشهادات العلمية المتدنية في مناصب إدارية حساسة فيستطيع “الحل والربط “.

وأصبح لديهم إمكانية الدخول إلى صفقات مالية ربما تصل إلى ملايين الدولارات حتى بدأت تتحول المنظمات التي تعنى بالشأن الإنساني إلى ما يشبه كرة ثلجية متدحرجة من أعالي قمة جبل يحيط بها الفساد كلما زادت إمكانياتها زاد فسادها وأخطائها.

وفي تلك المرحلة كلما حاول أحد المراقبين للوضع طرح المشكلة تعللوا بعدم تعاون الجهات الحكومية أو بسبب لا يقنع ولا يغطي أخطائهم الهائلة.

وكما قلنا للشبه العجيب بينها وبين دوائر الإدارية لدى النظام فما كان من الأخير إلا أن وضع يده عليها وحجّمها وانتقلنا من فساد جزئي إلى سرقة علنية للموارد والأموال.

وكما في الداخل السوري كان الوضع في الخارج بلاد “المهجر” قد بدأ بشكل أبشع من الموجود في الداخل فلن نتكلم عن السرقات العلنية.

كأن ترى أحدهم ممن بدأوا في إدارة إحدى المنظمات وهو من متوسطي الدخل ولم يرث عن أبيه شيء ولم يعمل بالتجارة في يوم ما يركب الباص معك وبعد شهر من الزمان يستقل سيارة من نوع مرسيدس أحدث موديل فهذه سرقة مكتملة الأركان .

و بالحديث عن تحول رؤساء المنظمات الإنسانية في خارج سورية إلى أباطرة يركبون أحدث السيارات ويعيشون حياة رفاهية مطلقة وكل ذلك من راتبه الضخم الذي يتقاضاه جراء عمله على إدارة مشروع يقضي ببناء مخيم ليأوي الناس من العراء أو إرسال سلل غذائية لبعض المحتاجين الذين داهمهم الجوع.

ولم يعد الأمر يقتصر على المدراء فقط حتى تحول إلى موضة عصرية تفيد بأن جميع العاملين في المنظمات الإنسانية الإغاثية يجب أن تكون رواتبهم عالية حتى يتمكنوا من عيش الرفاهية والتبذير في غير بلادهم.

فلا تستطيع أن تعلم ماذا يفعلون في أروقة الإدارة حتى يتقاضى الواحد منهم جراء عمله من 3500 إلى 5000 دولار علماً أن المؤسسة التي يعملون لديها منظمة إنسانية لربما يظن البعض أن هذه الأرقام مبالغ فيها لكن عند بحثك ولو قليلاً في شأن المنظمات الانسانية سوف تتفاجئ بأن ما يقارب 55 بالمئة من الدعم المقدم يذهب كرواتب للموظفين وللعاملين فيها .

لا نستطيع أن نصف كمية الفساد الإدارية الموجود داخل أغلب المنظمات التي تحمل الطابع الإنساني والتي تتستر خلف شعب شرد منه الملايين وقتل منه الملايين وجرح منه الملايين.

إن العقل يكاد لا يصدق أن بعض هذه المنظمات تتحول إلى ما يشبه “البيت العائلي لعائلة فلان” فطلب التوظيف لا يحتاج إلى شهادات وخبرة بل إلى شهادات ميلاد تثبت أنك من العائلة الفلانية والعديد العديد من صور الفساد المستشري فيها.

حقيقة لا ندري بشكل كامل أهذا مجرد فساد إدارية وانفصال عن الواقع والموضوعية أم أكثر من ذلك ولا ندري إلى متى سوف يستمر قهر الشعب السوري على أيدي أناس ظاهرهم الخير وباطنهم الفساد والسرقة والمحسوبية.

فبعد كل ما قام به السوريين من تضحيات والتخلص من أمثالهم ورميهم من الباب عادوا إليهم بحلة جديدة من الشباك.